الاثنين، 4 مارس 2013


المناظرة والحوار من منظور إسلامي

إعداد الدكتور: خالد خميس فرّاج


 
تعريف المناظرة:
المناظرة حوار بين شخصين أو فريقين، يسعى كلٌّ منهما إلى إعلاء وجهة نظره حول موضوع معين، والدفاع عنه بشتى الوسائل العلمية والمنطقية، واستخدام الأدلة والبراهين على تنوعها، محاولا تفنيد رأي الطرف الآخر، وبيان الحِجج الدّاعية للمحافظة عليها أو عدم قبولها.

 
أهمية المناظرة:
مواهب المتعلم وتعويده إتقان فنون القول والجدل الرّامي إلى بلورة الرّأي في إطار احترام الرأي الآخر ولو كان مخالفاً.

 
أنواع المناظرة:
للمناظرة نوعان هما: الواقعية التي تصور الواقع، والمتخيلة؛ كمثل المناظرة بين السيف والقلم .

 
اتجاهات المناظرة :
نبدأ بتحديد المشكلة وصياغتها، وفرض الفروض؛ ويفضل أن تكون هذه الفروض واقعية تناسب الموضوع، ويكونُ التقسيمُ والتصنيفُ لموضوعِ المناظرة.


الأدلّة المطلوبة:

تعدّ الأدلةُ أهمّ مادّة في عملية المُناظرة، وهي نوعان:
1-  نقلي ويتعلق بالاقتباس والاستشهاد من الكتاب والسنة وأقوال العلماء والمفكرين.
2- وعقلي ويكون من المنطق والحجة، ويلخِّصه قولهم:" إنْ كنتَ ناقلاً فالصِّحّة، وإنْ كنتَ مُدّعيًا فالدّليل"، ويُحتاجُ للأدلّة كي تكونَ مساعدة ومقويّة في التّحليل والتّفسير.


التعــميم:

ينبغي التحفُّظ على بناءِ التَّعميمات؛ كإطلاقٍ دونَ قيدٍ، أو تعميمٍ دونَ تَخصيص، ويتجنَّبُ كذلك ألفاظَ الجَزم والقطع في القضايا الخلافية ذات الأبعاد الاجتماعية والثقافية .


 
يغلب على المناظرة في إطار ما تعبر عنه من تفاعل حواري وتواصل أمران:

الأول: عمل إيجابي ينصرف إلى بناء الحُجّة والدّليل.
الثاني: عمل سلبي يتعلق بتنفيذ حجة آخر، والأدلة التي يسوقها، والتّفاعل بين الأمرين يتطلبُ مهارة من المتناظرين في توليد الأسئلة وترتيبها، وبناء الحِجَج وصياغتها؛ ولهذا يتوجب على المتناظر أن يمتلك مهارتين هامّتين هما:
مهارة السؤال: لباقةً وصِياغة وأسلوباً.
مهارةَ بناء الحجة: استدلالا وترتيبا.

وللمناظرة رسالةٌ اتصالية متكاملة الأركان، لها عناصر يجب توافرها في عملية الحوار والمناظرة، وهي خمسة عناصر :
1-   المرسل: ( شخصية المحاور أو المناظر الذي يدير عملية الحوار (
2-  المستقبل ( شخصية الطرف الآخر للمناظرة ).
3-  بيئة الرسالة ( توفر الجو الهادئ للتفكير المستقل(.
4-   مضمون الرسالة الاتصالية ( معرفة المتناظرين لموضوع المناظرة(.
5-   أسلوب الحوار ( مناهج الاتصال وأدواته والقواعد والهدف من المناظرة(.

فوائد المناظرة:

1-  الوصول إلى وضوح الرُّؤية حول قضية ما لإيجاد قناعة مشتركة حولها.
2- استقصاء جوانب الخلاف ما أمكن حول قضايا معينة، وتجلية ما بين المتحاورين من قضايا خلافية؛ مما قد يوفر حالة من الود، ولذلك قيل:" إن اختلاف الرأي لا يفسد في الود قضية ".
3- الابتعاد عن الأحكام التجريدية في قضايا الواقع، كما أن الاستقصاء فيها يجنب النظرات الانفعالية أو القناعات المسبقة .
4-  التعمق في دراسة أبعاد القضية وخلفياتها، مما يؤدي إلى شمول النظرة وسعتها
5-  تدرب على أصول الحوار وتنظيم الاختلاف والتأدب بآدابه

قواعد وأسس الجدال والمناظرة:

1- تخلّي كلٍّ من الفريقين المتناظرين عن التّعصب لوجهة نظر سابقة، وإعلان الاستعداد التام للبحثِ عن الحقيقةِ والأخذِ بها.
2-   تقيُّد المتناظرين بالقَولِ المُهذّبِ البعيدِ عن الطّعن أو التّجريح أو السخرية لوجهة نظر الخصم
3-  التزام الطرق الإقناعية الصحيحة؛ كتقديم الأدلة المثبتة للأمور، وإثبات صحّة النقل لما نقل.
4-  عدم التزام المجادل بضد الدعوى التي يحاول إثباتها؛ لئلا يحكم على نفسه برفض دعواه
5-  عدم التعارض والتناقض في الأدلة المقدمة من المجادل
6-  ألا يكون الدليل المقدم من المجادل ترديداً لأصل الدعوى
7-  عدم الطعن في أدلة المجادل إلا ضمن الأمور المبنية على المنطق السليم والقواعد المعترف بها لدى الفريقين .
8-  التسليم ابتداء بالقضايا التي تُعدُّ من المسلمات والمتّفق على صحتها .
9-  قبول النتائج التي توصل إليها الأدلة القاطعة والمرجحة .



آداب المجادل عند الإمام الغزالي:


1-  أن يقصد بجداله وجه الله وإحقاق الحق
2-  أن يكون الجدال في خلوة بعدا عن الرياء وطلبا للفهم وصفاء الذهن.
3-   أن يكون المجادل في طلب الحق كمن ينشدُ ضالّة
4-  عدم الجدال في الأوقات التي يتغير فيها المزاج ويخرج عن حدِّ الاعتدال
5-  أن يحافظ على هدوئه ووقاره مع خصمة، حتى وإن شاغب وأربى في كلامه .

 للمناظرات ثلاثة شروط


1-  أن يجمع بين خصمين متضادين
2-  أن يأتي كل خصم في نصرته لنفسه بأدلة ترفع شأنه وتعلي مقامه فوق خصمه
3-  أن تصاغ المعاني والمراجعات صوغاً لطيفا


        من أمثلة المناظرات الشهيرة:

        مناظرة النعمان بن المنذر وكسرى أنوشروان في شأن العرب، ومناظرة للآمدي بين صاحب أبي تمام وصاحب البحتري في المفاضلة بينهما، ومناظرة السيف والقلم لزين الدين عمر بن الوردي، ومناظرة بين الليل والنهار لمحمد المبارك الجزائري، ومناظرة بين الجمل والحصان للمقدسي، ومناظرة بين فصول العام لابن حبيب الحلبي

نموذج مناظرة تخيّلي:
مناظرة حول فصول العام:
قال الربيع: أنا شابّ الزمان، وروح الحيوان، وإنسان عين الإنسان، أنا حياة النفوس وزينة عروس الغروس، ونزهة الأبصار، ومنطق الأطيار، عَرْف أوقاتي ناسم، وأيامي أعواد ومواسم... وقال الصيف: أنا الخل الموافق، والصديق الصادق، والطبيب الحاذق، اجتهد في مصلحة الأحباب، وأرفع عنهم كلفة حمل الثياب، وأخفف أثقالهم، بي تتضح الجادة، وتنضج من الفواكه المادة، ويزهو البُسَر والرطب، وينصلح مزاج العنب، وقال الخريف: أنا سائق الغيوم، وكاسر جيش الغموم، وهازم أحزاب السموم، وحاوي نجائب السحائب، وحاسر نقاب المناقب، وقال الشتاء: أنا شيخ الجماعة، ورب البضاعة، أجمع شمل الأصحاب، وأسدل عليهم الحجاب، وأتحفهم بالطعام والشراب



 المناظرة وتعلم اللغة :

للمناظرة فوائد عديدة على المستويين: التعليمي والتربوي، تفوق في آثارها كثيراً من الأنشطة التعليمية الأخرى، ومن الآثار الإيجابية للمناظرة .
1-  تدريب غير تقليدي على التحدّث باللغة العربية .
2-   تنمية مهارات التخاطب اللغوي، وإجادة الحديث.
3-   تفسح المجال لدخول أنشطة مساعدة لإتمام عملية المناظرة، مثل: القراءة – التلخيص والكتابة، التفكير والتخاطب - القدرة على بناء الحجج - التقويم الذاتي .
4-   تجعل عملية التعلم أكثر رسوخا وبخاصة في الناحية اللغوية فمن خلال إعداد المناظر للمناظرة نستطيع أن نتعرف على ما تحتاجه من سند لغوي؛ لكي تنجز المهمة المطلوبة .
5-  تنشيط رغبة المناظر في التحصيل والتعلم الذاتي، إذ يصدر هذا التحصيل عن رغبة تجعل المناظر يؤمن بالتعدد في الآراء
6-  احترام الرأي الآخر، وتنظيم عملية الاختلاف .
7-  استخدام الأدلة والحجج مما ينمِّي مهارة التدقيق اللغوي فيحرص المناظر على تجنب ما يؤدي إلى ضعفها في الأداء، بالإضافة إلى امتلاكه قدرات التأثير والإقناع، من خلال أساليب محكمة وأفكار عميقة .
8-  توفر المناظرة مناخا قادرا على فتح الباب أمام المناظر؛ لكي يجرب عمليا ما تعلمه من لغة تتيح فرصة للعمل الجماعي وتبادل الآراء، كما أنها تتيح فرصة التعلم من الآخرين
9-  تحقيق الكفاية الاتصالية للمناظر ليغدو قادرا على التفاعل الإنساني، وليتحقق المناظر مما تعلمه من اللغة
10-         صقل مهارة التعبير، وتجميع الأفكار وانتقائها، واستدعائها حين يلزم الأمر للتعبير الكتابي أو الشفهي .
11-         تنمية مجموعة من المهارات؛ كالحديث والاستماع، والكتابة، والتفكير النقدي والإبداعي وتقبل الرأي الآخر وتقديره.
12-         التنمية الذاتية عن طريق التعرف على خبرات وتجارب الآخرين المميزة.

 تحليل المناظرة: لتحليل المناظرة نقوم بالخطوات التالية

1-   تحديد قضية المناظرة وموضوعها
2-  تحديد أطراف المناظرة
3-  تحديد المنتصر في المناظرة
4-  تحديد بداية المناظرة
5-  مناسبة مناخ القضية للحوار والمناظرة


المراجع:

1-  أدب الحوار: http://www.oufq.net/page_17.htm
2-  الحوار الإسلامي: http://www.alwaha.com/issue4/is04sb19.htm
3-  الحوار الإيجابي ودوره في الحد من العنفhttp://www.e-wtc.com/emrc/positive_conversation.html
4-  الحوار بين الحضارات الإلهية: http://www.almodarresi.com/moha/ae14m27f.htm
5-  علم الأدب – فن المناظرات: http://www.awkaf.net/islamicbooks/n-...elm-adaab.html
7-  منهج الحوار في القرآن الكريم: http://www.alrashad.org/11-02-mi.htm